اغتسل بكل قطرة في السماء وكل قطرة في الأرض؛ لم يزل نجسًا.
وقد ذكر الله سبحانه عقوبة اللُّوطية، وما حل بهم من البلاء في عشر سور من القرآن وهي: سورة الأعراف، وهود، والحجر، والأنبياء، والفرقان، والشعراء، والنمل، والعنكبوت، والصافات، واقتربت الساعة. وجمع على القوم بين عمى الأبصار، وخسف الديار، والقذف بالأحجار، ودخول النار. وقال محذرًا لمن عمل عملهم مما حلَّ بهم من العذاب الشديد:{وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ}[هود/ ٨٩].
وقال بعض العلماء: إذا علا الذكرُ الذكرَ؛ هربت الملائكة، وعجَّت الأرض إلى ربها، ونزل سخط الجبار ــ جل جلاله ــ عليهم، وغشيتهم اللعنة، وحفَّت بهم الشياطين، واستأذنت الأرض ربها أن تُخسف بهم، وثقُل العرش على حملته، وكبرت الملائكة، واستعرت الجحيم، فإذا جاءته رسل الله لقبض روحه؛ نقلوها إلى ديار إخوانهم، وموضع عذابهم، فكانت روحه بين أرواحهم. وذلك أضيق مكانًا، وأعظم عذابًا من تنور الزُّناة. فلا كانت لذةٌ توجب هذا العذاب الأليم! وتسوقُ صاحبها إلى مرافقة أصحاب الجحيم.
تذهب اللذَّات، وتعقب الحسرات، وتفنى الشهوة، وتبقى الشقوة. وكان الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى ينشد (١):
(١) سبق تخريج البيتين، وفي «ذم الهوى» (ص ١٨٦) أن الثوري كان يتمثل بهما.