فللحِبِّ ما ضمَّتْ عليه نِقابَها ... وللبَعْلِ ما ضُمَّتْ عليه المآزِرُ
والمقصودُ أنَّ القومَ كانوا مع العاشق على معشوقه إذا كان يُباح له وصالُه، وسنذكر ذلك في باب: مساعدة العشَّاق بالمُباح من التَّلاقِي إن شاء الله تعالى.
وأمَّا ما ذكروا عن شيوخ المعتزلة، وشيوخ الواسطيِّين، فأبو عثمان المذكور هو عمرو بن عُبيد، وواصلٌ هو واصلُ بن عطاء، وهما شيخا القوم، ولو أفتيا بذلك لكانت فُتْيا من مبتدعَيْن مذمومَيْن عند السَّلَفِ والخَلف، فكيف والمخبرُ بذلك رجلٌ مجهولٌ من المعتزلة، كذبَ على من يُعظِّمُهما المعتزلةُ؛ لينفِّقَ فِسْقَه؟
وأمَّا قصَّة محمد بن داود الأصبهانيِّ؛ فغايتُها أن تكونَ من سعيه المغفور، لا من عمله المشكور، وسلَّط الناس بذلك على عرضِه، والله يغفر لنا وله، فإنه تعرَّض بالنظر إلى السَّقم الذي صار به صاحب فِراش، وهذا لو كان مِمَّن يُباح له؛ لكان نقصًا وعيبًا، فكيف من صبيٍّ أجنبيٍّ؟ وأرضاه الشيطان بحبِّه والنظر إليه عن مواصلتِه، إذ لم يطمع في ذلك منه، فنالَ منه ما عرَف أنَّ كيدَه لا يتجاوزه، وجعله قدوةً لمن يأْتَمُّ به بعده كأبي محمد بن حزم الظاهريِّ وغيره، وكيدُ الشيطان أدقُّ من هذا.
وأمَّا أبو محمد فإنَّه على قدر يُبْسه وقَسْوته في التمسُّك بالظاهر، وإلغائه المعاني والمناسبات والحِكَم والعِلَل الشَّرعية، انماعَ في باب العشق والنظر وسماع الملاهي [٥٠ ب] المحرَّمة، فوسَّع هذا الباب جدًّا،