بأدناهما، فإنه لما شكا إليه أنَّها لا ترُدُّ يدَ لامسٍ؛ أمرَه بطلاقها، فلمَّا أخبرَه عن حبِّها وأنَّه يخافُ ألَاّ يصبِرَ عنها، ولعلَّ حبَّه لها يدعوه إلى معصيةٍ؛ أمره أن يمسكها؛ مداواةً لقلبه، ودفعًا للمفسدة التي يخافُها باحتمال المفسدة التي يشتكي منها.
وأجاب أبو عبيد عنه بأنّها كانت لا ترُدُّ يدَ لامسٍ يطلبُ منها العطاء، فكانت لا تَرُدُّ يد من سألها شيئًا من مال الزَّوج، ورُدَّ عليه هذا التأْويل بأنَّه لا يُقال لطالب العطاء: لامسٌ، وإنَّما يقال له: ملتمسٌ. وأجابت طائفة أُخرى عنه بأنَّ طريان المعصية على النكاح لا تُوجب فساده. وقال النَّسائيُّ: هذا الحديث مُنكر.
وعندي أنَّ له وجهًا غيرَ هذا كلِّه، فإنَّ الرَّجل لم يشكُ من المرأة أنَّها تزني بكلِّ مَنْ أراد ذلك منها، ولو [٥٠ أ] سألَ عن ذلك لما أقرَّه رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - على أن يقيم مع بَغِيٍّ، ويكون زوج بَغيٍّ دَيُّوثًا، وإنَّما شكا إليه أنَّها لا تجذِبُ نفسها مِمَّن لاعبَها، ووضع يده عليها، أو جذبَ ثوبها، ونحو ذلك، فإنَّ من النِّساء من تلين عند الحديث واللَّعب ونحوه. وهي حَصانٌ عفيفةٌ إذا أُريد منها الزنى، وهذا كان عادة كثيرٍ من نساء العرب، ولا يَعُدُّون ذلك عيبًا، بل كانوا في الجاهلية يرون للزَّوج النِّصفَ الأسفلَ، وللعشيق النصف الأعلى (١).