للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[النور/٣٢] يعُمُّ الأنواع التي ذُكرت فيه، فإن الأيِّم تستغني بنفقة زوجها، وكذلك الأمة، وأما العبد؛ فإنَّه لما كان لا مال له، وكان مالُه لسيِّده؛ فهو فقيرٌ ما دام رقيقًا، فلا يمكن أن يجعل لنكاحه غايةٌ، وهي غناه ما دام عبدًا بل غناه إنما يكون إذا عتق، واستغنى بعد العتق، [١٢٠ ب] والحاجة تدعوه إلى النكاح في الرق، فأمر سبحانه بإنكاحه، وأخبر أنه يغنيه من فضله، إما بكسبه، وإما بإنفاق سيّده عليه وعلى امرأته، فلم يمكن أن ينتظر بنكاحه الغنى الذي ينتظر بنكاح الحرِّ، والله أعلم.

وفي المسند وغيره (١) مرفوعًا: «ثلاثة حقٌّ على الله عونُهمْ: المُتزَوِّجُ يُريدُ العفاف، والمُكاتبُ يُريدُ الأداء ... » وذكر الثالث.

فصل

وقد ذكر الله سبحانه عن يوسف الصديق - صلى الله عليه وسلم - من العفاف أعظم ما يكون، فإن الداعي الذي اجتمع في حقه لم يجتمع في حق غيره، فإنه - صلى الله عليه وسلم - كان شابًّا، والشباب مركب الشهوة. وكان عزبًا، ليس عنده ما يعوِّضه، وكان غريبًا عن أهله ووطنه، والمقيمُ بين أهله وأصحابه يستحيي منهم أن يعلموا به، فيسقط من عيونهم، فإذا تغرَّب زال هذا المانع. وكان في صورة المملوك، والعبدُ لا يأنفُ مما يأنفُ منه الحرُّ.


(١) أخرجه أحمد (٢/ ٢٥١، ٤٣٧)، والترمذي (١٦٥٥)، والنسائي (٦/ ٦١)، وابن ماجه (٢٥١٨) من حديث أبي هريرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>