فظاهره إلى العداوة أقربُ منه إلى المحبة، وليس هذا حال الشبلي، فإن المحبة كانت تغلب عليه، ومع ذلك فهذا من شطحاته التي يُرجى أن تُغْفر له بصدقه، ومحبته، وتوحيده، لا أنها مما يُحْمَدُ عليه ويُقتدى به فيه.
وقد أمر الله سبحانه عباده أن يذكروه على جميع أحوالهم، وإن كان ذكرهم [١١٧ أ] إيَّاه مراتب، فأعلاها ذكرُ القلب، واللسان مع شهود القلب للمذكور، وجمعيتُه بكليته عليه بأحب الأذكار إليه، ثُمَّ دونه ذكر القلب واللسان، وإن لم يشاهد المذكور، ثم ذكر القلب وحده، ثم ذكر اللسان وحده، فهذه مراتب الذكر، وبعضُها أحبُّ إلى الله من بعض.
وكان طردُ قول الشبليِّ أنَّ راحته ألَّا يرى لله مصليًا، ولا لكلامه تاليًا، ولا يرى أحدًا ينطقُ بالشهادتين، فإن هذا كله من ذكره، بل هو أجل أنواع ذكره، فكيف يستريحُ قلبُ المحب؛ إذا لم ير من يفعل ذلك؟!
والله سبحانه يحبُّ أن يُذكر، ولو كان من كافر.
وقال بعضُ السلف: إن الله يُحب أن يُذكر على جميع الأحوال إلا في حالة الجماع، وقضاء الحاجة.
وأوحى الله ــ عز وجلَّ ــ إلى موسى أن اذكرني على جميع أحوالك.
والله تعالى لا يُضيع أجر ذكر اللسان المجرَّد، بل يثيب الذاكر، وإن كان قلبه غافلًا، ولكن ثوابٌ دون ثواب.