ومنها: الاتفاق الواقع بين المحبّ والمحبوب ولاسيَّما إذا كانت المحبَّةُ محبَّة مشاكَلَةٍ، ومناسبةٍ، فكثيرًا ما يمرضُ المحبُّ بمرض محبوبه. ويتحرَّك بحركته، ولا يشعرُ أحدُهما بالآخر، ويتكلَّم المحبوب بكلام، يتكلم المحب به بعينه اتفاقًا، فانظر إلى قول النبي - صلى الله عليه وسلم - لعُمَرَ بن الخطاب، يوم الحُدَيْبيَة لما قال له: ألسنا على الحقِّ، وعدوُّنا على الباطل؟ قال:«بلى»، قال: فعلام نُعْطي الدَّنيَّةَ في ديننا؟ فقال:«إنِّي رسولُ الله، وهو ناصري، ولستُ أعْصِيه» فقال: ألم تكن تحدِّثنا أنَّا نأتي البيت، فنُطوِّفُ به؟ فقال:«قُلتُ لك إنَّك تأْتيه العامَ؟» قال: لا، قال:«فإنَّك آتيه، ومُطوِّفٌ به». ثم جاء أبا بكرٍ الصديق فقال له: يا أبا بكر! ألسنا على الحقِّ وعدوُّنا على الباطل؟ قال: بلى! قال: فعلام نعطي الدَّنيَّة في ديننا ونرجع ولمَّا يحكم الله بيننا؟ فقال: إنه رسول الله، وهو ناصره، وليس يعصيه، قال: ألم يكن يحدِّثنا أنَّا نأتي البيت، فنطوِّف به؟ قال: بلى، أقال لك: إنك تأتيه العام؟ قال: لا. قال: إنك آتيه ومطوِّفٌ به، فأجاب على جواب النبي - صلى الله عليه وسلم - حرفًا بحرف من غير تواطُؤٍ، ولا تشاعُرٍ، بل موافقة محبٍّ لمحبوب. هكذا وقع في صحيح البخاري (١)، ووقع في بعض المغازي: أنَّه أتى أبا بكر أوَّلًا، فقال له ذلك، ثم أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعده، فقال له مثل ما قال أبو بكر.