للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل

وإذا كانت اللذَّةُ مطلوبةً لنفسها فهي إنَّما تُذَمُّ؛ إذا أعقبتْ ألمًا أعظمَ منها، أو منعت لذَّةً خيرًا منها، وتُحْمَدُ؛ إذا أعانت على اللذَّة الدائمة المستقرة، وهي لذةُ الدار الآخرة ونعيمها؛ الذي هو أفضلُ نعيم وأجلُّه، كما قال الله تعالى: {وَلَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (٥٦) وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ} [يوسف/ ٥٦ ــ ٥٧]، وقال تعالى: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَلَدَارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ وَلَنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِينَ} [النحل/ ٣٠]، وقال تعالى: {بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (١٦) وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى} [الأعلى/ ١٦ ــ ١٧].

وقال تعالى: {وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} [العنكبوت/ ٦٤] وقال العارفون بتفاوتِ مابين الأمرين لفرعون: {فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (٧٢) إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى} [طه/ ٧٢ ــ ٧٣].

والله سبحانه إنما خلق الخلق لدار القرار، وجعل اللذة كلَّها بأسرها فيها، كما قال الله تعالى: {وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ} [الزخرف/ ٧١]، وقال تعالى: {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ} [السجدة/ ١٧]، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «يقول الله تعالى: أَعْدَدْتُ لعِبَادي الصالحين ما لا عينٌ رأتْ، ولا

<<  <  ج: ص:  >  >>