وقد جاء عن غير واحدٍ من الخلفاء الراشدين ومن بعدهم: أنهم شفعوا هذه الشفاعة.
فقال الخرائطي (١): حدثنا عليُّ بن الأعرابي، حدثنا أبو غسان النهدي، قال: مرَّ أبو بكر الصديق ــ رضي الله عنه ــ في خلافته بطريق من طرق المدينة؛ فإذا جاريةٌ تطحنُ برحاها، وهي تقول:
وهويتُه من قبلِ قطع تمائمي ... مُتمايسًا مثل القضيب الناعم
فدق عليها الباب، فخرجت إليه، فقال: ويلك! أحُرَّةٌ أنت أم مملوكةٌ؟ فقالت: بل مملوكةٌ يا خليفة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -! قال: فمن هويت؟ فبكت، ثُمَّ قالت: بحق الله إلا انصرفت عني! قال: لا أريمُ، أو تعلميني! فقالت:
وأنا التي لعِبَ الغرامُ بقلبها ... فبكت لحب محمد بن القاسم
[١٤٥ أ] فصار إلى المسجد، وبعث إلى مولاها، فاشتراها منه، وبعث بها إلى محمد بن القاسم بن جعفر بن أبي طالب، وقال: هؤلاء فِتَنُ الرجال، وكم قد مات بهنَّ من كريم، وعطب عليهنَّ من سليمٍ!
ويذكر عن عثمان بن عفان ــ رضي الله عنه ــ: أنه جاءته جاريةٌ تستعدي على رجلٍ من الأنصار، فقال لها عثمان: ما قصَّتُك؟ فقالت:
(١) في اعتلال القلوب (ص ٢٣١ - ٢٣٢). والخبر في أخبار النساء (ص ١٨٧)، والواضح المبين (ص ٣١)، وديوان الصبابة (ص ٢٠٥). وهذا خبر كاذب، وليس في أبناء جعفر من يسمّى قاسمًا. انظر تعليق المحقق على الداء والدواء (ص ٥١٣).