للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا لم يكن له كما يحب. والغيرة تصفي القلب، وتخرج خبثه، كما يخرج الكير خبث الحديد.

فصل

وأمَّا الغيرة على المحبوب فهي غيرة أنفة المحب، وحميتُه أن يشاركه في محبوبه سواه، وهذه أيضًا نوعان: غيرةُ المحب أن يشاركه غيره في محبوبه، وغيرةُ المحبوب على محبه أن يحبَّ معه غيره.

والغيرةُ من صفات الرب جلَّ جلاله، والأصل فيها قوله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ} [الأعراف/ ٣٣].

ومن [١١١ ب] غيرته تعالى لعبده وعليه: حميتُه مما يضره في آخرته، كما في الترمذي (١) وغيره مرفوعًا: «إن الله يحمي عبد ه المؤمن من الدنيا، كما يحمي أحدكم مريضه من الطعام والشراب».

وفي الصحيحين (٢): أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال في خطبة الكسوف: «والله يا أُمَّة مُحمَّدٍ! ما أحدٌ أغيرَ من الله أن يزني عبدهُ، أو تزْنِي أمَتُهُ».

وفي ذكر هذا الذنب بخصوصه في خطبة الكسوف سرٌّ بديع، قد


(١) أخرجه الترمذي (٢٠٣٧)، وابن حبان (٢٤٧٤)، والحاكم (٤/ ٢٠٧، ٣٠٩) من حديث قتادة بن النعمان.
(٢) البخاري (١٠٤٤)، ومسلم (٩٠١) من حديث عائشة.

<<  <  ج: ص:  >  >>