بالمخالفة؛ استحقَّ اسمَ الفُتُوَّة. وتأمَّل قولَ الخليل لقومه:{مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ}[الأنبياء/٥٢] كيف تجده مطابقًا للتماثيل التي يهواها القلب، ويعكف عليها، ويعبدها من دون الله، قال تعالى: {أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا (٤٣) أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا} [الفرقان/ ٤٣ ــ ٤٤].
الحادي والأربعون: أنَّ مخالفة الهوى مطردة للدَّاء عن القلب والبدن، ومتابعته مجلبةٌ لداء القلب والبدن، فأمراض القلب كلها من متابعة الهوى، ولو فتَّشتَ على أمراض البدن؛ لرأيت غالبَها من إيثار الهوى على ما ينبغي تركُه.
الثاني والأربعون: أنَّ أصل العداوة، والشَّرِّ، والحسد الواقع بين النَّاس من اتباع الهوى، فمن خالف هواه؛ أراح قلبه، وبدنه، وجوارحه، فاستراح، وأراح.
قال أبو بكر الورَّاق: إذا غلب الهوى؛ أظلمَ القلبُ، وإذا أظلم؛ ضاق الصَّدرُ، وإذا ضاق الصَّدرُ ساء الخُلُق، وإذا ساء الخُلقُ أبغضه الخَلْق وأبغضهم. فانظر ماذا يتولَّد من التِّباغض من الشَّرِّ والعداوة، وترك الحقوق، وغيرها.
الثالث والأربعون: أنَّ الله ــ سبحانه وتعالى ــ جعل في العبد هوًى، وعقلًا، فأيُّهما ظهر توارى الآخر. كما قال أبو علي الثقفي: من غلبه