قال الله تعالى عقيب ذكره ما أحلَّ لعباده من الزَّوجات والإماء، وما حرَّم عليهم: {يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (٢٦) وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا (٢٧) يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا} [النساء/٢٦ ــ ٢٨] أي: لا يصبرُ عن النساء، كما ذكر الثوريُّ عن ابن طاوس عن أبيه {وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا}[النساء/٢٨]. قال: إذا نظر إلى النِّساء لم يصبر. وكذلك قال غيرُ واحدٍ من السلف.
ولما كانت الشَّهوةُ في هذا الباب غالبةً، لابدَّ أن توجبَ ما يوجب التوبة؛ كرَّر سبحانه وتعالى ذكر التوبة مرّتين، فأخبر أن مُتَّبعي الشَّهوات يُريدون من عباده أن يميلوا ميلًا عظيمًا، وأخبر سبحانه وتعالى: أنه يُريد التخفيف عنَّا لضعفنا، فأباح لنا أن ننكحَ ما طاب لنا من أطايب النساء أربعًا، وأن نتسرَّى من الإماء بما شئنا.
ولمَّا كان العبدُ له في هذا الباب ثلاثة أحوال: حالةُ جهلٍ بما يَحِلُّ له ويحرمُ، وحالةُ تقصيرٍ وتفريط، وحالةُ ضعفٍ وقلَّة صبرٍ؛ قابل سبحانه