وذهب بعض الفقهاء إلى أنه لا حدَّ على واحدٍ منهما، قال: لأنَّ الوازع عن ذلك ما [١٣٩ ب] في الطباع من النفرة عنه، واستقباحه، وما كان كذلك لم يحتج إلى أن يزجر الشارع عنه، كأكل العذرة، والميتة، والدم، وشرب البول. ثم قال هؤلاء: إذا أكثر منه اللُّوطي؛ فللإمام قتله تعزيرًا. صرح بذلك أصحاب أبي حنيفة.
والصحيح: أن عقوبته أغلظ من عقوبة الزاني؛ لإجماع الصحابة على ذلك، ولغلظ حرمته، وانتشار فساده، ولأن الله سبحانه لم يعاقب أُمَّةً ما عاقب اللُّوطية.
قال ابن أبي نجيح في تفسيره: عن عمرو بن دينار في قوله تعالى: {إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ}[العنكبوت/ ٢٨] قال: ما نزا ذكرٌ على ذكرٍ حتى كان قومُ لوط. وقال محمد بن مخلد: سمعت عباسًا الدُّوريَّ يقول: بلغني أنَّ الأرض تعُجُّ إذا ركب الذكرُ على الذكر.
وذكر ابن أبي الدُّنيا بإسناده عن كعب قال: كان إبراهيم يُشرف على سدوم فيقول: ويلٌ لك سدومُ يومًا مَّا لك! فجاءت إبراهيم الرُّسل، وكلمهم إبراهيم في أمر قوم لوطٍ، قالوا:{يَاإِبْرَاهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا}[هود/ ٧٦] قال: {وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا}[هود/ ٧٧] فذهب بهم إلى منزله، فدخَّنت امرأتُه، فجاءه {قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ}[هود/ ٧٨] فقال: {يَاقَوْمِ هَؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ}[هود/ ٧٨] أزوِّجكم بهن، {أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ