وَمِنْ هؤلاء الزنادقة مَنْ يخصُّ ذلك ببعض الصُّوَر، فهؤلاء من جنس النَّصارى بل هم إخوانُهم، فالنَّظرُ عند هؤلاءِ إلى الصُّور المحرَّمة عبادةٌ، ويشبه أن يكون هذا الحديثُ من وَضْعِ بعضِ هؤلاء الزَّنادقةِ، أو مُجَّانِ الفُسَّاق، وإلَاّ فرسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بريءٌ منه.
وسُئل شيخُنا (١) عَمَّنْ يقول: النظر إلى الوجه الحسن عبادةٌ، ويروي ذلك عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فهل ذلك صحيحٌ أم لا؟ فأجابَ بأن قال: هذا كذبٌ باطلٌ، ومن روى ذلك عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أو ما يُشبهه؛ فقد كذبَ عليه - صلى الله عليه وسلم -، فإنَّ هذا لم يَرْوِه أحدٌ من أهل الحديث، لا بإسنادٍ صحيح، ولا ضعيفٍ، بل هو من الموضوعات، وهو مخالفٌ لإجماع المسلمين، فإنَّه لم يقل أحدٌ: إنَّ النظر إلى المرأة الأجنبية والصَّبيِّ الأمردِ عبادةٌ.
ومن زعمَ ذلك فإنَّه يُستتاب، فإن تابَ وإلا قُتل، فإنَّ النظرَ منه ما هو حرامٌ، ومنه ما هو مكروهٌ، ومنه ما هو مباحٌ، والله أعلم.
وأمَّا الحديث الآخر، وهو:«اطْلُبُوا الخَيْرَ منْ حِسَانِ الْوُجوه» فهذا وإن كان قد رُوي بإسنادٍ، إلا أنَّه باطلٌ، لم يصحَّ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
(١) السؤال في «المجموع» (١٥/ ٤١٠)، ولكن لم يرد الجواب عنه في كلام شيخ الإسلام، فلعل فيه نقصًا. وقد تكرر ورود هذه الفتوى في «مجموع الفتاوى» (٢١/ ٢٤٣ - ٢٥٩) دون الجواب عن هذا السؤال.