للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال سهل بن عبد الله: ما من ساعةٍ إلَّا والله ــ سبحانه ــ يطَّلع فيها على قلوب العباد، فأي قلب رأى فيه غيره سلط عليه إبليس. وقال سهل: من نظر إلى الله ــ عزَّ وجلَّ ــ قريبًا منه؛ بَعُد عن قلبه كل شيء سوى الله، ومن طلب مرضاته أرضاه الله ــ سبحانه وتعالى ــ ومن أسلم قلبه إلى الله؛ تولى الله جوارحه. وقال سهل أيضًا: حرامٌ على قلبٍ أن يَشُمَّ رائحةَ اليقين؛ وفيه سكونٌ إلى غير الله، وحرامٌ على قلبٍ أن يدخله النُّورُ؛ وفيه شيءٌ ممَّا يكره الله. وسئل بعضهم عن أفضل الأعمال؛ فقال: رعايةُ السِّرِّ عن الالتفات إلى شيءٍ سوى الله ــ عزَّ وجلَّ ــ. وقال سلم: تركتموه، وأقبل بعضكم على بعض، لو أقبلتم عليه؛ لرأيتم العجائب.

فصل

فإن تقاصرت همتك الدَّنيَّة عن ترك الفواحش؛ محبةً لهذا المحبوب الأعلى، ولست هناك؛ فاترُكها محبةً للنِّساء اللَّاتي وصفهنَّ الله في كتابه، وبعث رسوله داعيًا إلى وصالهن في جنَّة المأوى، وقد تقدَّم ذكر بعض صفاتهن، ولذَّة وصالهنَّ. فإن تقاصرت همتُك عنهنَّ، ولم تكن كفؤًا لخطبتهن، ودعتك نفسك إلى إيثار ما هاهنا عليهنَّ؛ فكن من عقوبته العاجلة والآجلة على حذر. واعلم أنَّ العقوبات تختلف، فتارةً تُعَجَّل، وتارة تؤخَّر، وتارةً يجمعُ الله على العاصي بينهما.

وأشدُّ العقوبات العقوبة بسلب الإيمان، ودونها: العقوبة بموت القلب، ومحو لذَّة الذِّكر، والقراءة، [١٦٨ أ] والدُّعاء، والمناجاة منه،

<<  <  ج: ص:  >  >>