الثامن والعشرون: أنَّ أغزر النَّاس مروءةً أشدُّهم مخالفةً لهواه. قال معاوية:[١٨٢ أ] المروءة ترك الشَّهوات، وعصيان الهوى. فاتِّباع الهوى يُزمن المُرُوءة، ومخالفته تُنعشها.
التَّاسع والعشرون: أنَّه ما من يوم إلَّا والهوى والعقلُ يعتلجان في صاحبه، فأيُّهما قويَ على صاحبه؛ طرده، وتحكَّم، وكان الحكم له. قال أبو الدرداء: إذا أصبح الرجل؛ اجتمع هواه وعقله، فإن كان عقله تبعًا لهواه فيومه يوم سوء، وإن كان هواه تبعًا لعقله فيومُه يومٌ صالح.
الثلاثون: أنَّ الله ــ سبحانه وتعالى ــ جعل الخطأ، واتِّباع الهوى قرينين، وجعل الصواب ومخالفة الهوى قرينين، كما قال بعض السلف: إذا أشكل عليك أمران، لا تدري أيهما أرشدُ؛ فخالف أقربهما من هواك، فإنَّ أقرب ما يكون الخطأ في متابعة الهوى.
الحادي والثلاثون: أنَّ الهوى داءٌ، ودواؤه مخالفته، كما قال بعض العارفين: إن شئت؛ أخبرتك بدائك، وإن شئت؛ أخبرتك بدوائك، داؤك هواك، ودواؤك ترك هواك، ومخالفته.
وقال بشر الحافي ــ رحمه الله ــ:«البلاء كلُّه في هواك، والشِّفاء كله في مخالفتك إيَّاه».
الثاني والثلاثون: أنَّ جهاد الهوى إن لم يكن أعظم من جهاد الكفار؛ فليس بدونه. قال رجلٌ للحسن البصري ــ رحمه الله تعالى ــ: يا أبا سعيد! أيُّ الجهاد أفضل؟ قال: جهادك هواك، وسمعت شيخنا