للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثوى في قريش بضع عشرة حِجَّةً ... يذكِّرُ لو يلقى حبيبًا مواتيا

ويعرضُ في أهل المواسم نفسه ... فلم ير من يُؤْوي ولم ير داعيا

فلما أتانا واستقرت به النوى ... وأصبح مسرورًا بطيبة راضيا

بذلنا له الأموال من حل مالنا ... وأنفسنا عند الوغى والتآسيا

نُعادي الذي عادى من الناس كلهم ... جميعًا وإن كان الحبيب المصافيا

ونعلم أن الله لا رب غيره ... وأن رسول الله أصبح هاديا

فالمحبُّ وصفه الإيثار، والمُدَّعي طبعه الاستئثار.

فصل

ومنها: سروره بما يُسرُّ به محبوبه كائنًا ما كان، وإن كرهتهُ نفسه، فيكون عنده بمنزلة الدواء الكريه، يكرهه طبعًا، ويحبه لما فيه من الشفاء. وهكذا المحبُّ مع محبوبه، يسره ما يرضى به محبوبه؛ وإن كان كريهًا لنفسه. وأما من كان واقفًا مع ما تشتهيه نفسه من مراضي محبوبه فليست محبته صادقة، بل هي محبة معلولةٌ، حتى يُسَرَّ بما ساءه وسره من مراضي محبوبه. وإذا كان هذا موجودًا في محبة الخلق بعضهم لبعض؛ فالحبيب لذاته أولى بذلك، قال أبو الشيص (١):

وقف الهوى بي حيث أنت فليس لي ... متأخرٌ عنه ولا متقدَّمُ


(١) تقدمت الأبيات.

<<  <  ج: ص:  >  >>