هذا من موجبات المحبة الصادقة وأحكامها، فإن قِوَى الحب متى انصرفت إلى جهة، لم يبق فيها متسع لغيرها، ومن أمثال الناس:«ليس في القلب حُبَّان، ولا في السماءِ ربَّان».
متى تقسَّمت قوة الحب بين عدة محالَّ ضعُفت لا محالة، وتأمَّل قوله سبحانه: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ [١٠٨ ب] عَلِيمًا حَكِيمًا (١) وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (٢) وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا} [الأحزاب/١ ــ ٣] كيف أمره بتقواه المتضمنة لإفراده بامتثال أمره، ونهيه محبةً له، وخشيةً، ورجاءً، فإن التقوى لا تتمُّ إلا بذلك، وباتباع ما أوحي إليه المتضمن لتركه ما سوى ذلك واتباع المنزل خاصةً، وبالتوكل عليه، وهو يتضمن اعتماد القلب عليه وحده، وثقته به، وسكونه إليه دون غيره.
ثم أتبع ذلك بقوله:{مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ}[الأحزاب/٤] فأنت تجد تحت هذا اللفظ: أن القلب ليس له إلَّا وجهةٌ واحدةٌ، إذا مال بها إلى جهة؛ لم يملْ بها إلى غيرها، وليس للعبد قلبان،