للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عنه: أنَّه تبارك وتعالى يتجلَّى لأهل الجنَّة، فإذا رأوه نَسُوا نعيمَ الجنَّة.

أعجب الصبر صبرُ المحبين، قال الشاعر (١):

والصَّبر يُحمدُ في المواطن كلِّها ... إلَّا عليك فإنه لا يحمد

وقف رجل على الشِّبليِّ، فقال: أيُّ الصَّبر أشدُّ على الصابرين؟ قال: الصبر في الله. فقال السَّائل: لا! فقال: الصَّبر لله. قال: لا! قال: فالصَّبر مع الله. قال: لا! قال: فما هو؟ قال: الصبرُ عن الله. فصرخَ الشبليُّ صرخةً كادت روحهُ تزهقُ. قال الشاعر (٢):

والصبرُ عنك فمذمومٌ عواقبهُ ... والصبرُ في سائر الأشياء محمودُ

الخوفُ يبعدك عن معصيته، والرَّجاء يحركك إلى طاعته، والحبُّ يشوقك إليه شوقًا. لمَّا علم الله ــ سبحانه ــ أنَّ قلوب المشتاقين إليه لا تهدأ إلَّا بلقائه؛ ضرب لهم أجلًا لِلِّقاء؛ سكنًا لقلوبهم، فقال الله تعالى: {مَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَآتٍ} [العنكبوت: ٥].

يا من شكا شوقه من طول فرقته ... اصبر لعلَّك تلقى من تحب غدا (٣)

وسِرْ إليه بنار الشوقِ مجتهدًا ... عساك تلقى على نار الغرام هُدَى

المحبُّ الصادق كلَّما قرب من محبوبه؛ زاد شوقًا إليه.

وأعظمُ ما يكون الشوقُ يومًا ... إذا دنت الخيامُ من الخيام (٤)


(١) سبق البيت.
(٢) البيت في الرسالة القشيرية (ص ١٨٦)، وإحياء علوم الدين (٤/ ٨٠).
(٣) البيت الأول في الرسالة القشيرية (ص ٣٣٠).
(٤) سبق البيت.

<<  <  ج: ص:  >  >>