للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقولون لا تنظُرْ وتلكَ بليَّةٌ ... ألا كلُّ ذي عَيْنينِ لابدَّ ناظِرُ [٣٤ ب]

وليس اكتحالُ العَيْنِ بالعينِ ريبةً ... إذا عَفَّ فيما بينَ ذاكَ الضَّمائرُ

فإن صحَّت عن الشَّافعي؛ فإنَّما أراد النظر الذي لا يدخلُ تحت التكليف، كنظر الفَجْأَة، أو النظر المباح. وقد ذهبَ أبو بكر بن داودَ الأصفهانيُّ إلى جواز النظر إلى من لا يحلُّ له، كما سيأتي كلامُه إن شاء الله، قال أبو الفرج بن الجوزي (١): وأخطأ في ذلك، وجرَّ عليه خطؤه اشتهارَه بين الناس، وافتضاحَه.

وذهب أبو محمد بن حزم إلى جواز العِشْق للأجنبية من غير ريبةٍ، وأخطأَ في ذلك خطأً ظاهرًا، فإنَّ ذَرِيعةَ العِشْق (٢) أعظمُ من ذَرِيعة النظر، وإذا كان الشرعُ قد حرَّم النظرَ لما يُؤدِّي إليه من المفاسد، كما سيأتي بيانُه ــ إن شاء الله تعالى ــ فكيف يجوز تعاطي عِشْق الرجل (٣) لِمَنْ لا يحلُّ له؟!

والمقصود أنَّ هذه الفرقة رأت أنَّ (٤) الجِماعَ يُفْسد العشْقَ، فغارت عليه مِمَّا يُفْسِدُه، وإن لم تتركْه ديانةً.


(١) «ذم الهوى» (ص ١٢١).
(٢) «فإن صحت الرواية ... ذريعة العشق» ساقطة من ش.
(٣) ش: «العشق الرجل».
(٤) «أن» ساقطة من ت.

<<  <  ج: ص:  >  >>