الخنزير، وتناوُلُها في هذا الحال واجبٌ عليه. قال مسروق والإمام أحمد رحمهما الله تعالى: من اضْطُرَّ إلى أكل الميتة، فلم يأكلْ، فماتَ؛ دخل النَّار، فغايةُ النَّظرة، والقُبْلة، والضَّمة أن تكون محرَّمةً، فإذا اضْطُرَّ العاشق إليها، فإن لم تكن واجبةً، فلا أقلَّ من أن تكون مباحةً، فهذا قياسٌ واعتبارٌ صحيح، وأين مفسدةُ موتِ العاشق إلى مفسدة ضمِّه، ولثمه؟
فالجواب: أنَّ هذا يتبين بذكر قاعدة، وهي: أنَّ الله ـ سبحانه وتعالى ـ لم يجعل في العبد اضطرارًا إلى الجماع، بحيث إن لم يفعلْه؛ مات، بخلاف اضطراره إلى الأكل، والشرب، واللباس، فإنَّه من قِوام البدن؛ الذي إن لم يباشره؛ هلك.
ولهذا لم يُبحْ من الوَطْءِ الحرام ما أباح من تناوُل الغذاء والشراب المحرَّم، فإنَّ هذا من قبيل الشهوة واللَّذة؛ التي هي تتمةٌ وفَضْلَة، ولهذا يمكن الإنسانَ أن يعيش طول عمره بغير تزوُّج، وغير تَسَرٍّ، ولا يمكنه أن يعيش بغير طعام ولا شرابٍ، ولهذا أمر النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - الشباب أن يداووا هذه الشَّهوة بالصَّوم (١)، وقال تعالى عن عشَّاق المُرْدان:{إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ}[الأعراف/٨١].
فأخبر أنَّ الحامل على ذلك مجرَّدُ الشهوة، لا الحاجةُ، فضلًا عن
(١) كما في الحديث الذي أخرجه البخاري (١٩٠٥)، ومسلم (١٤٠٠) عن ابن مسعود.