للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثاني: الاستحسان، فإن لم يُورث نظرُه استحسانًا لم تقع المحبَّةُ.

الثالث: الفكر في المنظور، وحديثُ النفس به، فإن شُغِل عنه بغيره ممَّا هو أهمُّ عنده منه لم يَعْلَق حبُّه بقلبه، وإن كان لا يعدم خطراتٍ وسوانحَ، ولهذا قيل: العشق حركة قلب فارغ. ومتى صادفَ هذا النظرُ والاستحسانُ والفكرُ قلبًا خاليًا؛ تمكَّن منه، كما قيل (١):

أتاني هَواها قبلَ أن أعرِفَ الهوى ... فصادفَ قلبًا خاليًا (٢) فتمكَّنا

فإن قيل: فهل يتوقف على الطَّمع في الوصول إلى المُحَبِّ أم لا؟

قيل: الناسُ في هذا على أقسام:

منهم من يعشق الجمال المُطْلَق، فقلبُه مُعَلّقٌ به أين (٣) استقلَّت ركائبُه، وأين (٤) حلَّت مَضَارِبُه، وهذا لا يتوقَّف عشقُه على الطمع.

ومنهم من يعشقُ الجمالَ المقيَّد، سواءٌ طَمِعت نفسهُ في وِصَاله أو لم تطمع.


(١) البيت للمجنون في «البيان والتبيين» (٢/ ٤٢)، و «الحيوان» (١/ ١٦٩، ٤/ ١٦٧)، و «تزيين الأسواق» (١/ ١٨٠)، و «ديوانه» (ص ٢٨٢). ويُنسب ليزيد بن الطثرية في «الزهرة» (١/ ٦٢)، و «حماسة» ابن الشجري (ص ١٤٥)، و «وفيات الأعيان» (٦/ ٣٧٠)، و «شعره» (ص ٩٥).
(٢) ت: «فارغًا».
(٣) ش: «إن».
(٤) ش: «وإن».

<<  <  ج: ص:  >  >>