للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحدثني أخو شيخنا عبد الرحمن بن تيمية عن أبيه، أنه (١) قال: كان الجَدُّ إذا دخل الخلاءَ يقول لي: اقرأْ في هذا الكتاب، وارفعْ صوتَك حتى أسمع.

وأعرف مَنْ أصابه مرَضٌ من صُداع، وحُمَّى، وكان الكتابُ عند رأسه، فإذا وجد إفاقةً؛ قرأ فيه، فإذا غُلب؛ وضعَه، فدخل عليه الطبيبُ يومًا وهو كذلك، فقال: إنَّ هذا لا يَحِلُّ لك، فإنَّك تُعِينُ على نفسك، وتكونُ سببًا لفوات مطلوبك.

وحدَّثني شيخنا قال: ابتدأ بي مرضٌ، فقال لي الطبيب: إنَّ مطالعتَك، وكلامَك في العلم يزيدُ المرضَ. فقلت له: لا أصبرُ عن (٢) ذلك، وأنا أُحاكمك إلى علمك: أليستِ النفسُ إذا فرحتْ وسُرّت قويت الطبيعةُ، فدفعتِ المرض؟ فقال: بلى! فقلت له: فإنَّ نفسي تُسَرُّ بالعلم، فتقوى به الطبيعة، فأجدُ راحةً. فقال: هذا خارجٌ عن علاجنا، أو كما قال.

فعشقُ صفاتِ الكمال من أنفع العشق وأعلاه، [٢٧ ب] وإنَّما يكونُ بالمناسبة التي بينَ الرُّوح وتلك الصِّفاتِ، ولهذا كان أعلى الأرواح وأشرفُها أعلاها وأشرفها معشوقًا، كما قيل (٣):


(١) «أنه» ساقطة من ش.
(٢) ش: «على».
(٣) البيت لابن الفارض في «ديوانه» (ص ٩٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>