نضرة، قال: قال عمر بن الخطاب ــ رضي الله عنه ــ لأبي موسى: يا أبا موسى! شوقنا إلى ربنا، قال: فقرأ. فقالوا: الصلاة! فقال عمر: أولسنا في الصلاة؟
فصل
ومِلاك الأمر كله: الرغبة في الله، وإرادة وجهه، والتقرب إليه بأنواع الوسائل، والشوق إلى الوصول إليه ولقائه. فإن لم يكن للعبد همَّةٌ إلى ذلك: فالرغبة في الجنة ونعيمها، وما أعدَّ الله فيها لأوليائه. فإن لم تكن همةٌ عالية تطالبه بذلك فخشية النار، وما أعدَّ الله فيها لمن عصاه. فإن لم تطاوعه نفسه لشيء من ذلك؛ فليعلم أنه خُلق للجحيم، لا للنعيم، ولا يقدر على ذلك بعد قدر الله وتوفيقه إلا بمخالفة هواه.
فهذه فصول أربعة هي ربيعُ المؤمن، وصيفه، وخريفه، وشتاؤه، وهي منازلُه في سيره إلى الله، وليس له منزلةٌ غيرها. فأما مخالفة الهوى؛ فلم يجعل الله للجنة طريقًا غير مخالفته، ولم يجعل للنار طريقًا غير متابعته، قال تعالى: {فَأَمَّا مَنْ طَغَى (٣٧) وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (٣٨) فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى (٣٩) وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ [١٥٣ أ] عَنِ الْهَوَى (٤٠) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى} [النازعات/ ٣٧ ــ ٤١] وقال تعالى: {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ}[الرحمن/ ٤٦] قيل: هو العبد يهوى المعصية، فيذكر مقام الله عليه في الدنيا، ومقامه بين يديه في الآخرة، فيتركها لله.