للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[النور/٣٣] وقال تعالى: {وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [النور/٦٠] وقال تعالى: {وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا} [التحريم/١٢].

فإن قيل: فقد قال تعالى: {وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} [النور/٣٢]، وقال في الآية الأخرى: {وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} [النور/٣٣] فأمرهم بالاستعفاف إلى وقت الغنى، وأمرهم بتزويج أولئك مع الفقر، وأخبر أنه تعالى يُغنيهم، فما محمل كل من الآيتين؟

فالجواب: أن قوله: {وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا} في حق الأحرار، أمرهم الله تعالى أن يستعفُّوا حتى يغنيهم، فإنهم إن تزوَّجوا مع الفقر؛ التزموا حقوقًا لم يقدروا عليها، وليس لهم من يقوم بها غيرهم. وأما قوله: {وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ} [النور/٣٢] فإنه سبحانه أمرهم فيها أن ينكحوا الأيامى وهنَّ النساء اللاتي لا أزواج لهنَّ.

هذا هو المشهور من لفظ الأيِّم عند الإطلاق؛ وإن استُعْمِل في حقِّ الرَّجل بالتقييد، كما أنَّ العزب عند الإطلاق للرجل وإن استعمل في حق المرأة، ثم أمرهم سبحانه بأن يزوِّجوا عبيدهم، وإماءهم، إذا صلُحوا للنكاح، فالآية الأولى في حكم تزويجهم لأنفسهم، والثانية في حكم تزويجهم لغيرهم. وقوله في هذا القسم: {إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ}

<<  <  ج: ص:  >  >>