للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال السُّهَيْليُّ (١): [١٠٧ أ] وهذا هو الأولى، ويُشبه أن يكون المحفوظ، فإنَّه لا يُظنُّ بعمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقولُ له قولًا، فلا يرضى به حتى يأتي أبا بكر بعد ذلك، والشُّبهة عنده لم تزلْ، فيُعيدها عليه، ولا يُظنُّ ذلك بعمر.

ولعمري لقد نزع أبو القاسم بذَنوب صحيح! ولكن المحفوظ هو الذي وقع في البخاري، وعليه عامّة أهل السِّير، والمسانيد، والسُّنن.

وأمَّا ما نُسب إلى عمر فقد أُجيب عنه بأنَّه كان يرجو النَّسخ، وموافقة ربِّه له في ذلك، كما تقدم له أمثالها، فإنه كان يقول القول، فينزلُ به الوحي، والثَّاني: أنَّ المقام كان مقام محنةٍ، وابتلاءٍ، عجز عنه صبرُ أكثر الصحابة، ولم يتسع له بطانهم، وداخلهم من الغم، والقلق، والتحرق على أعدائهم أمرٌ عظيم، ولهذا لما أمرهم أن يحلقوا رؤوسهم، وينحروا بُدْنهم، لم يقم منهم رجلٌ واحدٌ، حتى دخل - صلى الله عليه وسلم - على أُم سلمة مُغضبًا، فقالت له: من أغضبك؛ أغضبهُ الله، فقال: «ومالي لا أغضبُ، وأنا آمُرُ بالأمْرِ، فلا أُتَّبَعُ؟» (٢).

وهذا يردُّ تأويل من تأوَّله على أن القوم كانوا محسنين في ذلك التثبُّت، وأنَّهم كانوا ينتظرون النَّسخ، فلا لومَ عليهم، وهذا خطأ قبيحٌ من


(١) الروض الأنف (٢/ ٣٠٤).
(٢) هو ضمن الحديث السابق في صلح الحديبية.

<<  <  ج: ص:  >  >>