للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَرِيُّ! إنه غيورٌ، لا يراك تُساكنُ غيره، فتسقط من عينه. فهذه غيرةٌ صحيحة.

فصل

وهاهنا أقسامٌ أُخرُ من الغيرة مذمومة، منها: غيرةٌ يحمل عليها سوءُ الظَّنِّ، فيؤذي بها المُحبُّ محبوبه، ويُغْري قلبه عليه بالغضب، وهذه الغيرةُ يكرهُها الله؛ إذا كانت في غير ريبةٍ.

ومنها: غيرةٌ تحمله على عقوبة المحبوب بأكثر مما يستحقُّه [١١٨ أ]، كما ذُكر عن جماعة أنهم قتلوا محبوبيهم.

وكان ديكُ الجن الشاعر (١) له غلام وجاريةٌ في غاية الجمال، يهواهما جميعًا، فدخل المنزل يومًا، فوجد الجارية معانقةً للغلام تقبِّله، فشدَّ عليهما، فقتلهما، ثم جلس عند رأس الجارية، فبكاها طويلًا، ثمَّ قال (٢):

يا طلعةً طلع الحِمامُ عليها ... وجنى لها ثمر الرَّدى بيديها

روَّيْتُ من دمها الثَّرى ولطالما ... روَّى الهوى شفتيَّ منْ شفتَيْها


(١) أخرجه الخرائطي (ص ٣١٢ - ٣١٣). والخبر والشعر في الزهرة (١/ ١٣٨، ١٣٩)، والأغاني (١٤/ ٥٧)، ووفيات الأعيان (٢/ ٣٥٩)، وتزيين الأسواق (٢/ ٢١، ٢٢)، وذم الهوى (ص ٤٧٠ - ٤٧١).
(٢) الأبيات في ديوانه (ص ٢٢٤ - ٢٢٦) والمصادر السابقة.

<<  <  ج: ص:  >  >>