قال القُشيريُّ (١): والواجب أن يقال: الغيرةُ غيرتان: غيرة الحق على العبد. وهو أن لا يجعله للخلق، فيضن به عليهم، وغيرة العبد للحق، وهو ألَّا يجعل شيئًا من أحواله وأنفاسه لغير الحقِّ سبحانه، فلا يُقال: أنا أغارُ على الله، ولكن يُقال: أنا أغارُ لله، قال: فإذًا الغيرة على الله جهلٌ، وربما يُؤدِّي إلى ترك الدِّين. والغيرة لله تُوجب تعظيم حقوقه، وتصفية الأعمال له، فمن سنَّة الحقِّ مع أوليائه: أنَّهم إذا ساكنوا غيرًا، أو لاحظوا شيئًا، أو صالحوا بقلوبهم شيئًا يُشوش عليهم ذلك، فيغار على قلوبهم بأن يعيدها خالصة لنفسه فارغةً، كآدم لما وطَّن نفسه على الخلود في الجنَّة؛ أخرجه منها، وإبراهيم الخليل لما أعجبه إسماعيل أمرهُ بذبحه، حتى أخرجه من قلبه {فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ}[الصافات/ ١٠٣] وصفَّى سرَّه منه، أمره بالفداء عنه.
وقال بعضُهم: احذره، فإنه غيور، لا يحب أن يرى في قلب عبده سواه.
وقيل: الحقُّ تعالى غيور، ومن غيْرته: أنه لم يجعل إليه طريقًا سواه.
وقال السَّريُّ لرجل عارفٍ: بي علَّةٌ باطنةٌ؛ فما دواؤُها؟ قال: يا