مذمومًا، إلَّا ما جاء منه مُقَيَّدًا، كقوله - صلى الله عليه وسلم -: «لا يؤمنُ أحدكم حتَّى يكون هواه تبعًا لما جئت به»(١).
وقد قيل: الهوى كمينٌ لا يُؤْمَن. قال الشَّعْبي: وسمِّي هوًى؛ لأنَّه يهوي بصاحبه، ومطلقُه يدعو إلى اللَّذَّة الحاضرة من غير فكرٍ في العاقبة، ويحثُّ على نيل الشَّهوات عاجلًا، وإن كانت سببًا لأعظم الآلام عاجلًا وآجلًا، فلِلدُّنيا عاقبةٌ قبل عاقبة الآخرة، والهوى يعمي صاحبه عن ملاحظتها، والمروءة، والدِّين، والعقل ينهى عن لذَّة تعقبُ ألمًا، وشهوة تورثُ ندمًا، فكلٌّ منها يقول للنَّفس إذا أرادت ذلك: لا تفعلي! والطَّاعة لمن غلب، ألا ترى أنَّ الطفل يُؤثر ما يهواه؛ وإن أدَّاه إلى التَّلف؛ لضعف ناهي العقل عنده؟! ومن لا دين له يؤثر ما يهواه؛ وإن أدَّاه إلى هلاكه في الآخرة؛ لضعف ناهي الدِّين، ومن لا مُروءَة له يُؤثر ما يهواه وإن ثَلَمَ مُرُوءته، أو هدمها؛ لضعف ناهي المروءة، فأين هذا من قول الشافعي ــ رحمه الله تعالى ــ: لو علمتُ أنَّ الماء البارد يثلم مروءتي لما شربته.
ولمَّا امتُحِنَ المكلَّف بالهوى من بين سائر البهائم، وكان كل وقت يحدث عليه حوادث؛ جعل فيها حاكمان: حاكم العقل، وحاكم الدِّين؛ وأُمِرَ أن يرفع حوادثَ الهوى دائمًا إلى هذين الحاكمين، وأن ينقاد