للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَلِيلًا} [الإسراء/ ٧٤] ولهذا كان من دعائه: «يا مقلِّب القلوب! ثبِّت قلبي على دينك» (١)، وكانت أكثر يمينه: «لا ومقلِّب القلوب!» (٢). كيف وهو الَّذي أُنزِل عليه: {وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ} [الأنفال/ ٢٤].

وقد جرت سنَّةُ الله تعالى في خلقه: أنَّ من آثر الألم العاجل على الوصال الحرام؛ أعقبه الله ذلك في الدنيا المسرَّة التامَّة، وإن هلك؛ فالفوز العظيم، والله تعالى لا يضيع ما يتحمل عبده لأجله.

وفي بعض الآثار الإلهية يقول الله سبحانه وتعالى: «بعيني ما يتحمَّل المتحمِّلون من أجلي». وكلُّ من خرج عن شيءٍ منه لله؛ حفظه الله عليه، أو أعاضه الله ما هو أجلّ منه، ولهذا لما خرج الشُّهداء عن نفوسهم لله؛ جعلهم الله أحياء عنده يرزقون، وعوَّضهم عن أبدانهم التي بذلوها له أبدان طير خضرٍ، جعل الله أرواحهم فيها تسرح في الجنَّة حيث شاءت، وتأوي إلى قناديل معلَّقة بالعرش، ولمَّا تركوا مساكنهم له؛ عوَّضهم مساكنَ طيبةً في جنات عدن، ذلك الفوز العظيم.

وقال وهب بن منبه: [١٧٥ ب] كان عابدٌ من عباد بني إسرائيل يتعبد في صومعته، فجاء رجلٌ من العُتَاة إلى امرأة بغيٍّ، فبذلَ لها مالاً، وقال:


(١) أخرجه أحمد (٣/ ١١٢)، والترمذي (٣٥٢٢)، وابن ماجه (٣٨٣٤) من حديث أنس. قال الترمذي: حديث حسن صحيح.
(٢) أخرجه البخاري (٦٦١٧، ٦٦٢٨، ٧٣٩١) من حديث ابن عمر.

<<  <  ج: ص:  >  >>