لعلَّك أن تفتنيه، فجاءته في ليلة مطيرةٍ، فنادته، فأشرف عليها، فقالت: آوِني إليك! فتركها، وأقبل على صلاته، فقالت: يا عبد الله! آوني إليك! أما ترى الظلمة والمطر؟! فلم تزل به حتى آواها، فاضطجعت قريبًا منه، فجعلت تريه محاسنها، حتى دعته نفسه إليها، فقال: لا والله حتى أنظر كيف صبرك على النَّار، فتقدَّم إلى المصباح، فوضع أصبعًا من أصابعه حتى احترقت، ثمَّ عاد إلى صلاته، فدعته نفسه إليها، فعاود المصباح، فوضع أصبعه الأخرى حتى احترقت، فلم تزل تدعوه نفسه، وهو يعود إلى المصباح حتى احترقت أصابعه جميعًا وهي تنظر، فصعقت، وماتت.
وقال الإمام أحمد (١): حدَّثنا إبراهيم بن خالد، حدَّثنا أميَّة بن شبل، عن عبد الله بن وهب، قال: لا أعلمه إلَّا ذكره عن أبيه: أنَّ عابدًا من بني إسرائيل كان في صومعته يتعبَّد، فإذا نفرٌ من الغُواة قالوا: لو استنزلناه بشيءٍ، فذهبوا إلى امرأةٍ بَغيٍّ، فقالوا لها: تعرَّضي له! قال: فجاءته في ليلةٍ مظلمة مطيرة، فقالت: يا عبد الله! آوني إليك! وهو قائم يصلِّي، ومصباحُه ثاقب، فلم يلتفت إليها، فقالت: يا عبد الله! الظُّلمة، والغيث! آوني إليك! فلم تزل به حتى أدخلها إليه، فاضطجعت، وهو قائمٌ يصلِّي، فجعلت تتقلَّب، وتريه محاسن خلقها، حتى دعته نفسه إليها. فقال: لا
(١) في كتاب الزهد (ص ١٠٠، ١٠١)، وأخرج الخبر ابن الجوزي في ذم الهوى (ص ٢٥٠ - ٢٥١).