ومنها: أنه يُعرِّض نفسه لفوات الاستمتاع بالحور العين في المساكن الطيبة في جنَّات عدن، وقد تقدم أن الله سبحانه إذا كان قد عاقب لابس الحرير في الدنيا بحرمانه للبسه يوم القيامة، وشارب الخمر في الدنيا بحرمانه إياها يوم القيامة، فكذلك من تمتع بالصور المحرمة في الدنيا، بل كل ما ناله العبد في الدنيا، فإن توسع في حلاله؛ ضيق من حظه يوم القيامة بقدر ما توسع فيه، وإن [١٣٨ ب] ناله من حرام؛ فاته نظيره يوم القيامة.
ومنها: أن الزنى يُجرِّئه على قطيعة الرحم، وعقوق الوالدين، وكسب الحرام، وظلم الخلق، وإضاعة أهله وعياله، وربما قاده قسرًا إلى سفك الدم الحرام، وربما استعان عليه بالسحر وبالشرك، وهو يدري، أو لا يدري.
فهذه المعصية لا تتم إلا بأنواع من المعاصي قبلها ومعها. ويتولد عنها أنواعٌ أُخرُ من المعاصي بعدها، فهي محفوفةٌ بجندٍ من المعاصي قبلها، وجند بعدها، وهي أجلب لشرِّ الدنيا والآخرة، وأمنع شيء لخير الدنيا والآخرة، وإذا علقت بالعبد، فوقع في حبائلها وأشراكها؛ عزَّ على الناصحين استنقاذُه، وأعيا الأطباء دواؤه، فأسيرها لا يُفدى، وقتيلها لا يُودَى، وقد وكلها الله سبحانه بزوال النعم، فإذا ابتلي بها عبد فيودع نعم الله، فإنها ضيف سريع الانتقال، وشيك الزوال. قال الله تعالى:{إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ}[الرعد/ ١١].