للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الباب الحادي عشر

في العشق: هل هو اضطراريٌّ خارجٌ [٥٤ ب] عن الاختيار أو أمرٌ اختياريٌّ؟ واختلاف النَّاس في ذلك، وذكر الصَّواب فيه

فنقول: اختلف الناس في العشق: هل هو أمر اختياريٌّ أو اضطراريٌّ خارجٌ عن مقدور البشر؟

فقالت فرقة: هو اضطراريٌّ، وليس باختياريٍّ، قالوا: وهو بمنزلة محبَّة الظمآن للماء البارد، والجائع للطعام، وهذا ممَّا لا يُمْلَكُ.

وقال بعضهم: والله لو كان لي من الأمر شيءٌ ما عذَّبتُ عاشقًا! لأن ذنوبَ العُشَّاق اضطراريةٌ، فإذا كان هذا قولَه فيما تولَّد عن العِشْقِ مِنْ فعلٍ اختياريٍّ، فما الظنُّ بالعشق نفسه؟

وقال أبو محمد بنُ حزم: قال رجلٌ لعمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ: يا أميرَ المؤمنين! إني رأيت امرأةً فعَشِقْتُها! فقال عمر: ذاك ممَّا لا يُمْلك.

وقال كامل في سَلْمى (١):

يلومُونني في حُبِّ سَلْمَى كأنَّما ... يَرَوْنَ الهَوى شيئًا تَيَمَّمْتُه عَمْدَا


(١) البيتان في «ديوان الصبابة» (ص ٥١). والصواب «كاهل» كما في الواضح المبين (ص ٣٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>