للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولهذا كانت لذَّة اللَّعب بالدفِّ في العُرس جائزةً؛ فإنها تُعين على النكاح، كما تُعين لذّةُ الرمي بالقوس وتأْديبِ الفرس على الجهاد، وكلاهما محبوبٌ لله. فما أعانَ على حصول محبوبه؛ فهو من الحقِّ، ولهذا عدّ ملاعبة الرجل امرأته من الحقِّ؛ لإعانتها على مقاصد النكاح الذي يُحبُّه الله سبحانه وتعالى، وما لم يُعِنْ على محبوب الربِّ تعالى؛ فهو باطلٌ، لا فائدة فيه، ولكن إذا لم تكن فيه مضرَّةٌ راجحةٌ؛ لم يَحْرُم، ولم يُنْه عنه، ولكن إذا صدَّ عن ذكر الله، وعن الصَّلاة؛ صارَ مكروهًا بغيضًا للربِّ عزَّ وجلَّ مَقِيتًا عنده، إمَّا بأصله، [٦١ ب] وإما بالتَّجاوُز فيه.

وكلُّ ما صدَّ عن اللذَّة المطلوبة؛ فهو وبالٌ على صاحبه، فإنَّه لو اشتغل حين مباشرته له بما ينفعه، ويَجْلِبُ له اللذَّةَ المطلوبة الباقية؛ لكان خيرًا له، وأنفع.

ولمَّا كانت النفوس الضَّعيفةُ كنفوس النساء والصِّبيان، لا تنقاد إلى أسباب اللذَّة العظمى إلَاّ بإعطائها شيئًا من لذة اللهو واللَّعب، بحيث لو فطمتْ عنه كل الفطام طلبت ما هو شرٌّ لها منه، رخِّص لها من ذلك ما لم يُرخَّصْ فيه لغيرها، وهذا كما دخل عمر بن الخطاب رضي الله عنه

<<  <  ج: ص:  >  >>