للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[٧٥ أ] الباب السَّادس عشر

في الحُكْم بين الفريقين

وفصل النِّزاع بين الطائفتين

فنقول: العشق لا يُحْمدَ مطلقًا، ولا يُذَمُّ مطلقًا، وإنَّما يُحْمَد ويُذَمُّ باعتبار متعلَّقه، فإنَّ الإرادة تابعةٌ لمرادها، والحبُّ تابعٌ للمحبوب، فمتى كان المحبوبُ ممَّا يُحَبُّ لذاته، أو وسيلةً تُوصِله إلى ما يُحَبُّ لذاته؛ لم تُذَمَّ المبالغةُ في محبَّته، بل تُحْمَدُ، وصلاحُ حالِ المُحبِّ لذلك بحسب قوَّة محبته.

ولهذا كان أعظم صلاح العبد أن يصرف قوى حبِّه كلَّها لله تعالى وحده، بحيث يحبُّ الله بكلِّ قلبه، ورُوحه، وجوارحه، فَيُوَحِّد محبوبَه، ويوحِّد حبَّه، وسيأتي ــ إن شاء الله تعالى ــ في باب: توحيد المحبوب: أن المحبة لا تصحُّ إلا بذلك، فتوحيدُ المحبوب (١) ألَاّ يتعدَّد محبوبُه، وتوحيدُ الحبِّ ألَاّ يبقى في قلبه بقيةُ حبٍّ، حتى يبذلَها له، فهذا الحبّ وإن سمي: عشقًا، فهو غايةُ صلاح العبد، ونعيمه، وقرَّةِ عينه.

وليس لقلبه صلاحٌ، ولا نعيم إلا بأن يكون الله ورسولُه أحبَّ إليه ممَّا سواهما، وأن تكون محبتُه لغير الله تابعةً لمحبة الله، فلا يُحبُّ إلا


(١) «أن المحبة ... المحبوب» ساقطة من ش.

<<  <  ج: ص:  >  >>