ولهذا من أشرك بين الله وبين غيره في هذه المحبة الخاصة؛ كان مشركًا شركًا لا يَغفِرهُ الله، كما قال الله تعالى:{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ}[البقرة/ ١٦٥] والصحيح أن معنى الآية: أنّ الذين آمنوا أشدُّ حبًّا لله من أهل الأنداد لأندادهم، كما تقدَّم بيانه: أنَّ محبَّة المؤمنين لربهم لا يُماثلها محبَّةُ مخلوقٍ أصلًا، كما لا يماثل محبوبهم غيره، وكلُّ أذًى في محبة غيره؛ فهو نعيمٌ في محبته، وكلُّ مكروه في محبة غيره؛ فهو قُرّة عين في محبته.
ومَنْ ضرب لمحبته الأمثال التي هي في محبة المخلوق للمخلوق، كالوصل، والهجر، والتَّجَنِّي بلا سبب من المحب، وأمثال ذلك ممَّا يتعالى الله عنه عُلوًّا كبيرًا؛ فهو مخطئٌ أقبح الخطأ وأفحشه، وهو حقيقٌ بالإبعاد والمقت. والآفة إنَّما هي من نفسه، وقلَّة أدبه مع محبوبه، والله تعالى نهى أن يَضْرب عبادُه له الأمثال، فهو لا يُقاس بخلقه.
وما ابتدع من ابتدع إلا من ضَرْبِ الأمثالِ له سبحانه، فأصحابُ الكلام المُحدث المبتدع ضربوا له الأمثال الباطلة في الخبر عنه وما يُوصف به، وأصحابُ الإرادة المنحرفة ضربُوا له الأمثال في الإرادة والطلب، وكلاهما على بِدْعَةٍ وخطأ.
والعشقُ إذا تعلَّق بما يحبُّه الله ورسوله، [٧٦ أ] كان عشقًا ممدوحًا