أحدُها: محبَّةُ القرآن بحيث يغْنَى بسماعه عن سماع غيره، ويَهيم قلبُه في معانيه، ومراد المتكلِّم سبحانه منه، وعلى قدر محبَّة الله تكون محبَّة كلامه، فمن أحبَّ محبوبًا؛ أحبّ حديثه، والحديث عنه، كما قيل (١):
إن كنت تزْعُمُ حبِّي ... فَلِمْ هجرتَ كتابي؟
أمَا تأمَّلت مَا فِيـ ... ـه من لذيذ خطابي؟!
وكذلك محبَّةُ ذكرهِ سبحانه وتعالى من علامة محبَّته، فإنَّ المحبَّ لا يشبعُ منْ ذكر محبوبه، بل لا ينساه، فيحتاجُ إلى من يُذكِّرهُ به. وكذلك من يحبُّ سماعَ أوصافِه، وأفعاله، وأحكامه، فعشقُ هذا كلِّه من أنفع العِشْق، وهو غايةُ سعادة العاشق، وكذلك عشقُ العلم النَّافع، وعشق أوصافِ الكمال من الكرم، والجود، والعِفَّة، والشَّجاعة، والصَّبر، ومكارم الأخلاق، فإن هذه الصفات لو صُوِّرت صُورًا؛ لكانت من أجمل الصُّور، وأبهاها، ولو صُوِّر العلم صورة؛ لكانت أجمل من صورة الشمس والقمر، ولكنَّ عشق هذه الصِّفات إنَّما يُناسب الأنفس الشريفة الزكيَّة، كما أن محبَّة الله، ورسوله، وكلامه، ودينه إنَّما تناسبُ الأرواح العُلْويَّة، السَّمائيَّة الزكيّة، لا الأرواح الأرضيَّة الدَّنيَّة، فإذا