أن تعرِف قيمة العبد وقدره؛ فانظر إلى محبوبه ومُراده، واعلم أنَّ العشق المحمود لا يعرِضُ فيه شيءٌ من الآفات المذكورة.
بقي ها هنا قسمٌ آخرُ، وهو عشقٌ محمودٌ، يترتَّب عليه مُفارقة المعشوق، كمن يعشقُ امرأته، أو أمته، فيفارقُها بموتٍ أو غيره، فيَذهبُ المعشوقُ، ويبقى العِشْقُ كما هو، فهذا نوعٌ من الابتلاء، إن صبرَ صاحبُه، واحتسب؛ نال ثواب الصَّابرين، وإن سَخِط، وجزع؛ فاته معشوقُه وثوابُه، وإن قابل هذه البلوى بالرِّضا والتسليم، فدرجتُه فوق درجة الصبر. وأعلى من ذلك أن يقابلها بالشُّكر نظرًا إلى حسن اختيار الله له؛ فإنَّه ما يقضي الله [٧٦ ب] للمؤمن قضاءً إلَاّ كان خيرًا له، فإذا علم أنَّ هذا القضاء خيرٌ له؛ اقتضى ذلك شكرَه لله على ذلك الخير الذي قضاه له، وإنْ لم يعلم كونه خيرًا له، فليسلِّم للصَّادق المصدوق في خبره المؤكَّد باليمين، حيث يقول:«والَّذي نَفْسي بيَدِهِ لا يقضي الله للمؤمن قضاءً إلَّا كان خيرًا له، إن أصابَتْهُ سرّاء شكر، فكان خيرًا له، وإن أصابته ضرَّاءُ صبر، فكان خيرًا لهُ، وليس ذلك إلا للمُؤمن»(١).
وإيمانُ العبد بأمرِه أن يعتقد أن ذلك القضاءَ خيرٌ له، وذلك يقتضي شكر من قضاه وقدَّره، وبالله التوفيق.