للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحريرَ، وأعاضَهم منه أنواعَ الملابس الفاخرة من الصُّوف والكَتَّانِ والقطن، وحرَّمَ عليهم الزِّنا واللِّواط، وأعاضَهم منهما بالنكاح والتَّسَرِّي بصنوف النساء الحِسان، وحرَّم عليهم شُربَ المسكر، وأعاضَهم عنه بالأشربة اللذيذة النافعة للروح والبدن، وحرَّمَ عليهم سماعَ آلاتِ اللهو من المَعَازف والمَثاني، وأعاضَهم عنها بسماع القرآن العظيم والسَّبع المَثاني، وحرَّم عليهم الخبائثَ من المطعومات، وأعاضَهم عنها بالمطاعم [٥ ب] الطيبات.

ومن تلمَّحَ هذا وتأمَّلَه هانَ عليه تركُ الهوى المُرْدِيْ، واعتاضَ عنه بالنافع المُجْدِي، وعَرفَ حكمة الله ورحمته وتمامَ نعمته على عباده فيما أمرَهم به ونهاهم عنه وأباحه لهم (١)، وأنه لم يأمرْهم بما أمرَهم به حاجةً منه إليهم، ولا نهاهم عمَّا نهاهم عنه بخلًا منه عليهم، بل أمرهم بما أمرَهم إحسانًا منه ورحمةً، ونهاهم عما نهاهم عنه صِيانةً لهم وحِمْيَةً.

فلذلك (٢) وضعنا هذا الكتابَ وَضْعَ عَقد الصلح بين الهوى والعقل، وإذا تمَّ عقدُ الصُّلح بينهما سَهُل على العبدِ محاربةُ النفس والشيطان، والله المستعان، وعليه التُّكلان. فما كان فيه من صَوابٍ فمن الله، فهو المُوَفِّقُ له والمُعِينُ عليه، وما كان فيه من خطأ فمِنِّي ومن الشيطان، واللهُ ورسولُه من ذلك بريئانِ.


(١) «وأباحه لهم» ساقطة من ش.
(٢) ت: «ولذلك».

<<  <  ج: ص:  >  >>