واتفق القوم: أن المحبة لا تصحُّ إلا بتوحيد المحبوب.
ويُحْكَى: أن رجلًا ادعى الاستهلاك في محبة شخصٍ، فقال له: كيف وهذا أخي أحسن مني وجهًا، وأتمُّ جمالًا؟ فالتفت الرجل إليه، فدفعه الشابُّ، وقال: من يدعي هوانا ينظر إلى سوانا؟!
وذُكرت المحبة عند ذي النُّون، فقال: كُفُّوا عن هذه المسألة، لا تسعها النفوس فتدعيها، ثم أنشأ يقول:
الخوف أولى بالمُسي ... ءِ إذا تألَّه والحزنْ
والحُبُّ يجملُ بالتقي ... وبالنَّقِيِّ من الدَّرنْ
وقال سمنون: ذهب المحبُّون لله بشرف الدُّنيا والآخرة. لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:«المرءُ مع من أحبَّ»(١) فهم مع الله في الدنيا والآخرة.
وقال يحيى بن معاذ: ليس بصادقٍ من ادَّعى محبَّته، ثمَّ لم يحفظ حدوده.
فصل
فالمحبة شجرةٌ في القلب، عروقها الذلُّ للمحبوب، وساقها معرفته، وأغصانُها خشيتُه، وورقُها الحياء منه، وثمرها طاعته، ومادَّتها التي تسقيها ذِكْرُه، فمتى خلا الحبُّ عن شيءٍ من ذلك؛ كان ناقصًا.
وقد وصف الله ــ سبحانه ــ نفسه بأنه يحب عباده المؤمنين،