للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإنَّ النفس تُضطرُّ إلى العلم تارةً، وإلى العمل أُخرى، وكذلك العملُ الاختياريُّ المراديُّ له مُرادٌ، فذلك المرادُ إمَّا أن يُراد لنفسه، أو لشيءٍ آخر، ولا يجوزُ أن يكون كلُّ مرادٍ مرادًا لغيره؛ حذرًا من الدَّور والتَّسلسل، فلابدَّ من مرادٍ مطلوبٍ محبوبٍ لنفسه، فإذا حصل المطلوبُ المرادُ المحبوب؛ فاقترانُ اللذَّة، والنِّعمة، [٥٩ أ] والفرح، والسُّرور، وقُرَّة العين به على قدر قوَّة محبته، وإرادته ورغبته فيه، وذلك أمرٌ ذَوْقِيٌّ وجديٌّ، ولهذا يغلِب على أهل الإرادة والعمل من السَّالكين اسمُ الذوق والوَجد؛ لما في وجود المراد المطلوب من الذَّوق والوجد الموجب للفرح، والسُّرور، والنَّعيم.

فها هنا ثلاثةُ أنواعٍ من الأسماء متقاربة المعاني:

أحدُها: الشَّهوةُ، والإرادةُ، والميل، والطلب، والمحبَّة، والرغبةُ، ونحوُها.

الثاني: الذَّوقُ، والوَجدُ، والوصولُ، والظَّفَرُ، والإدراكُ، والحصولُ، والنَّيْلُ، ونحوُها.

الثالث: اللذَّةُ، والفرَح، والنعيم، والسرور، وطيب النفس، وقرّة العين، ونحوُها.

وهذه الأمور الثلاثة متلازمةٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>