للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- صلى الله عليه وسلم -: «منْ لبس الحرير في الدُّنيا؛ لم يلبسه في الآخرة» (١)، و «من شرب الخمر في الدُّنيا؛ لم يشربها في الآخرة» (٢).

فلا يجمع الله للعبد لذَّة شرب الخمر، ولبس الحرير، والتمتُّع بما حرَّم الله عليه من النساء، والصبيان، ولذَّة التمتُّع بذلك في الآخرة، فليختر العبد [١٣١ أ] لنفسه إحدى اللَّذتين، وليكتف عن إحداهما بالأخرى؛ فمن أبى فلن يجعل الله من أذهب طيباته في حياته الدنيا، واستمتع بها كمن صام عنها ليوم فطره في الدنيا؛ إذا لقي الله، ودون ذلك مرتبةٌ أن يتركها خوف النار فقط، فإن تركها رغبةً ومحبةً أفضلُ من تركها لمجرد خوف العقوبة.

ثم أدنى من ذلك أن يحمله عليها خوف العار، والشنار. ومنهم من يحمله على العفة الإبقاء على محبته خشية ذهابها بالوصال. ومنهم من يحمله عليها عفةُ محبوبه، ونزاهتُه. ومنهم من يحمله عليها الحياءُ منه، والاحتشام له، وعظمته في صدره. ومنهم من يحمله عليها الرغبة في جميل الذكر، وحسن الأحدوثة. ومنهم من يحمله عليها الإبقاء على جاهه، ومروءته، وقدره عند محبوبه وعند الناس. ومنهم من يحمله عليها كرم طبعه وشرف نفسه، وعلوُّ همته. ومنهم من يحمله عليها لذَّةُ الظَّفر بالعفَّة، فإنَّ للعفة لذَّةً أعظمُ منْ لذة قضاء الوطر، لكنها لذة


(١) أخرجه البخاري (٥٠٣٢)، ومسلم (٢٠٧٣) من حديث أنس.
(٢) أخرجه البخاري (٥٧٧٥)، ومسلم (٢٠٠٣) من حديث عبد الله بن عمر.

<<  <  ج: ص:  >  >>