للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لو قيل للمُحبِّ على الدَّوام: ما تتمنَّى؟ لقال: لقاء المحبوب (١).

ولمَّا نزلنا منزلًا طلَّه الندى ... أنيقًا وبستانًا من النَّور حاليا

أجدَّ لنا طيبُ المكان وحسنُه ... مُنىً فتمنَّينا فكنت الأمانيا

قال الجنيد: سمعت السَّريَّ يقول: الشوق أجلُّ مقام العارف؛ إذا تحقَّق فيه، وإذا تحقَّق بالشوق؛ لها عن كلِّ ما يشغله عمَّن يشتاق إليه.

وقيل: أوحى الله تعالى إلى داود ــ عليه السلام ــ: قل لِشبَّان بني إسرائيل: لم تشغلون نفوسكم بغيري، وأنا مشتاقٌ إليكم؟ ما هذا الجفاء؟ ولو يعلم المدبرون عنِّي كيف انتظاري لهم، ورفقي بهم، ومحبَّتي لترك معاصيهم؛ لماتوا شوقًا إليَّ، وانقطعت أوصالهم من محبَّتي. هذه إرادتي للمدبرين عنِّي، فكيف إرادتي للمقبلين عليَّ؟!

وسئل الجنيد: من أي شيءٍ يكون بكاءُ المحبِّ إذا لقيَ المحبوب؟ فقال: إنَّما يكون ذلك سرورًا به، ووجدًا من شدَّة الشوق إليه. قال: ولقد


(١) البيتان لأبي بكر بن عبد الرحمن الزهري في حماسة أبي تمام (٢/ ٧٨)، والزهرة (١/ ٣٧٨)، والتذكرة السعدية (١/ ٤٦٢)، والحماسة البصرية (٢/ ١٩٦)، ولمالك بن أسماء في عيون الأخبار (١/ ٢٦٢)، وبهجة المجالس (١/ ١٢٢)، ولابن أبي فروة في اعتلال القلوب (ص ٣٤٣)، وعنوان المرقصات والمطربات (ص ٢٨)، وبلا نسبة في أخبار أبي القاسم الزجاجي (ص ١٩٢)، والصناعتين (ص ٧٧)، وديوان الصبابة (ص ٢٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>