للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القدرة، فإنْ زادَ به الحال إلى المقام الأوسط؛ فلا بأْس بإعلام محبوبه بمحبَّته (١) إيَّاه، فيخفَّ بإعلامه وشكواه إليه ما يجدُ منه، ويحذر من اطلاع الناس على ذلك، فإنْ زادَ به الأمرُ حتى خرجَ عن الحدود والضَّوابط التحقَ بالمجانين والموسوسين.

فانقسمَ العشَّاقُ قسمين: قسمٌ قَنِعُوا بالنظرة بعد النَّظرة، فمنهم من يموتُ وهو كذلك، ولا يُظْهِرُ سِرَّه [٤٦ أ] لأحدٍ، حتى محبوبُه لا يدري به.

وقد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من عَشِقَ، فَعَفَّ، فكتمَ، فماتَ؛ فَهُوَ شَهِيدٌ» (٢).

والقسمُ الثاني: أباحُوا لمن وصلَ إلى حدٍّ يُخاف على نفسه منه القُبْلَة في الحين، قالوا: لأنَّ تركها قد يُؤدِّي إلى هلاك النفس، والقُبلةُ صغيرةٌ وهلاكُ النفس كبيرةٌ.

وإذا وقعَ الإنسان في مَرَضين داوَى الأخطرَ، ولا خطرَ أعظمُ منْ


(١) ت: «تعشقه».
(٢) أخرجه ابن حبان في «المجروحين» (١/ ٣٤٩)، والخطيب في «تاريخ بغداد» (٥/ ١٥٦، ٢٦٢)، وابن عدي في «الكامل» (٣/ ١٢٦٣) من طرق عن سويد بن سعيد الحدثاني عن علي بن مسهر عن أبي يحيى القتات عن مجاهد عن ابن عباس. واتفق الأئمة على تضعيف هذا الحديث، وسيأتي كلام المؤلف عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>