للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال بعض السَّلف (١): ما مِنْ عبدٍ إلا وله عينان في وجهه يُبصر بهما أمرَ الدُّنيا، وعينان في قلبه يُبصر بهما أمرَ الآخرة، فإذا أراد الله بعبدٍ خيرًا؛ فتح عينيه اللَّتينِ في قلبه، فأبصرَ بهما من اللذَّةِ والنعيم ما لا خطر له، مِمَّا وعَدَ به من لا أصدق منه حديثًا، وإذا أراد به غير ذلك؛ تركه على ما هو عليه، ثمَّ قرأ: {أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} [محمد/ ٢٤] ولو لم يكن للقلب [٦٣ ب] المشتغل بمحبَّة غير الله، المعرِضِ عن ذكره من العقوبة؛ إلا صدؤهُ، وقسوته، وتعطُّله عمَّا خُلِق له؛ لكفى بذلك عقوبة.

وقد روى عبد العزيز بن أبي رَوَّاد عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إنَّ هذه القُلُوب تصْدَأُ كما يصدَأُ الحديد» قيل: يا رسُول الله! فما جلاؤُها؟ قال: «تِلاوَةُ القُرْآنِ» (٢).

وقال بعضُ العارفين (٣): إنَّ الحديد إذا لم يُستعمل غَشِيَه الصدَأُ حتى يفسده، كذلك القلب إذا عُطِّل من حبِّ الله، والشوق إليه، وذكره؛


(١) هو خالد بن معدان، أخرج عنه الخرائطي (ص ٥٢ - ٥٣)، وابن الجوزي (ص ٧٥ - ٧٦).
(٢) أخرجه الخرائطي (ص ٥٥)، وأبو نعيم في «الحلية» (٨/ ١٩٧)، والقضاعي في «مسند الشهاب (٢/ ١٩٩)، والخطيب في «تاريخ بغداد» (١١/ ٨٥)، وابن الجوزي في «ذم الهوى» (ص ٦٨) من طريق عبد الرحيم بن هارون عن عبد العزيز به. وعبدالرحيم ضعيف، كذّبه الدارقطني.
(٣) عند الخرائطي (ص ٥٥): قال بعض الحكماء.

<<  <  ج: ص:  >  >>