للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كما قال شاعرُ الحماسة (١):

تشكَّى المحبُّون الصَّبابَةَ ليتني ... تحمَّلْتُ ما يَلْقَوْنَ منْ بينهم وَحدِي

فكانتْ لقلبي لذَّةُ الحبِّ كلُّها ... فلم يَلْقَها قبلي مُحِبٌّ ولا بَعدِي

قالت رابعة (٢): شَغلُوا قلوبهم بحبِّ الدُّنيا عن الله، ولو تركوها؛ لجالت في الملكوت، ثمَّ رجعت إليهم بطرائف الفوائد.

وقال سَلْم الخوّاص (٣): تركتموه، وأقبل بعضُكم على بعض، ولو أقبلتم عليه؛ لرأيتُم العجائب.

وقالت امرأةٌ من العابدات (٤): لو طالعتْ قلوب المؤمنين بفكرها ما ذُخر لها من حُجُب الغيوب من خير الآخرة؛ لم يصف لها في الدُّنيا عيش، ولم تقرَّ لها عين في الدنيا.

وقال بعضُ المحبِّين (٥): إنَّ حُبَّه عزَّ وجلَّ شغل قلوب مُحبِّيه عن التلذُّذِ بمحبَّة غيره، فليس لهم في الدُّنيا مع حُبِّه عزَّ وجلَّ لذَّةٌ تُداني محبَّتَه، ولا يؤمِّلون في الآخرة من كرامة الثواب أكبرَ عندهم من النَّظر إلى وَجه محبوبهم.


(١) تقدم البيت الأول في (ص ٤٠)، وانظر التخريج هناك.
(٢) أخرج عنها الخرائطي في «اعتلال القلوب» (ص ٤٩)، وابن الجوزي (ص ٦٥).
(٣) أخرج عنه الخرائطي (ص ٤٩)، وابن الجوزي (ص ٧٨).
(٤) أخرج عنها الخرائطي (ص ٥٠)، وابن الجوزي (ص ٦٦).
(٥) هو ضيغم، كما أخرج عنه الخرائطي (ص ٥١)، وابن الجوزي (ص ٧٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>