للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الظاهر وغيرهم، منهم من أوجب الوفاء به إذا اقتضى تغريمًا للموعود، وهو المحكيٌّ عن مالك، وكثيرٌ من الفقهاء لا يوجبونه مطلقًا.

والثالث: إذا خاصم فجر ويعني بالفجور أن يخرج عن الحقِّ عمدًا حتى يصير الحقُّ باطلًا والباطلُ حقًا، وهذا مما يدعو إليه الكذبُ، كما قال - صلى الله عليه وسلم -: "إيَّاكم والكَذِبَ، فإنَّ الكذِبَ يهدي إلى الفُجور، وإن الفجورَ يهدي إلى النارِ" (١).

وفي "الصحيحين" عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ أبغضَ الرجال إلى اللهِ الألدُّ الخَصِمُ" (٢).

وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّكم لتَختَصمون إليَّ ولعلَّ بعضَكُم أن يكونَ ألحنَ بحُجَّته من بعض، وإنَّما أقضي على نحو مما أسمَعُ، فمن قضيتُ له بشىِءٍ من حقِّ أخيه، فلا يأخُذْهُ، فإنما أقطع له قِطعةً مِنَ النَّار" (٣).

وقال - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ مِنَ البيانِ سِحرًا" (٤).

فإذا كان الرجلُ ذا قدرِة عند الخصومة -سواء كانت خصومتُه في الدِّين أو في الدنيا- على أن ينتصر للباطل، ويُخيل للسَّامع أنَّه حقٌّ، ويوهن الحقَّ، ويخرجه في صورة الباطل، كان ذلك مِنْ أقبحِ المحرَّمات، ومن أخبث خصال النفاق، وفي "سنن أبي داود" (٥) عن ابن عمر، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قال: "مَنْ خَاصَمَ


(١) رواه من حديث ابن مسعود البخاري (٦٠٩٤)، ومسلم (٢٦٠٧).
(٢) رواه من حديث عائشة البخاري (٢٤٥٧)، ومسلم (٢٦٦٨).
(٣) رواه من حديث أم سلمة البخاري (٢٦٨٠)، ومسلم (١٧١٣).
(٤) رواه مسلم (٨٦٩) من حديث عمار، ورواه البخاري (٥٧٦٧) من حديث ابن عمر.
(٥) برقم (٣٥٩٧)، ورواه أيضًا أحمد ٢/ ٧٠، وصححه الحاكم ٢/ ٢٧، ووافقه الذهبي، وهو كما قالا.

<<  <  ج: ص:  >  >>