وله علة أخرى، وهي أن المعروف أنه إنما يُروى مرسلًا عن سعيد بن المسيب عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم -، كذا رواه قتادة ويزيد بن نعيم وعطاء الخراساني، كلهم عن سعيد عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم -. ذكر عبد الحق هذين التعليلين، ثم قال: والإِرسال هو الصحيح. وقد اشتمل هذا الحديث على عدة أحكام: أحدها: وجوب الصداق عليه بما استحلَّ من فرجها وهو ظاهر؛ لأن الوطء فيه غايته أن يكون وطء شبهة إن لم يصحَّ النكاح. الثاني: بُطلان نكاح الحامل من الزنى، ويرى الإِمام أحمد أن الزانية لا يجوز تزوجها حتَّى تتوب، وتنقضي عدتها، فمتى تزوجها قبل التوبة أو قبل انقضاء عدتها، كان النكاح فاسدًا، ويفرَّق بينهما. الثالث: وجوب الحد بالحبل، وهذا مذهب مالك وأحمد في إحدى الروايتين. الرابع: إرقاق ولد الزنى وهو موضع الإِشكال في الحديث، قال الخطابي: ولا أعلم أحدًا من العلماء اختلف في أن ولد الزنى حرٌّ إن كان من حرة، فكيف يستعبد، ويشبه أن يكون معناه - إن ثبت الخبر -: أنه أوصَاه بهِ خيرًا، وأمر باصطناعه وتربيته واقتنائه لينتفع بخدمته إذا بلغ فيكون كالعبد في الطاعة مكافأةً له على إحسانه وجزاءً لمعروفه. وقال ابن القيم: بعضُ الرواة لم يذكره في حديثه، كذلك رواه سعيد وغيره، وإنما قالوا: ففرق بينهما وجعل لها الصداق وجلدها مئة، وعلى هذا، فلا إشكال في الحديث. (١) روى مسلم (١٥٩٤) (٩٧) من حديث أبي سعيد الخدري، قال: أتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بتمر، فقال: "ما هذا التمر من تمرنا"، فقال الرجل: يا رسول الله: بعنا تمرنا صاعين بصاعٍ من هذا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "هذا الربا فردوه، ثم بيعوا تمرنا واشتروا لنا من هذا".