للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

ممَّا لا يجوز التراضي ببيعه.

وأما الثاني، فله صُورٌ عديدة: منها إنكاحُ الوليِّ من لا يجوزُ له إنكاحُها إلا بإذنها بغير إذنها، وقد ردَّ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - نكاحَ امرأة ثيِّبٍ زوَّجها أبوها وهي كارهةٌ (١)، وروي عنه أنَّه خيَّرَ امرأة زُوِّجَت بغير إذنها (٢)، وفي بطلان هذا النكاح ووقوفه على الإِجازة روايتان عن أحمد.

وقد ذهب طائفة من العلماء إلى أن من تصرَّف لغيره في ماله بغير إذنه، لم يكن تصرُّفه باطلًا من أصله، بل يقفُ على إجازته، فإن أجازه جازَ، وإن ردَّه بطَل، واستدلُّوا بحديث عُروة بن الجعد في شرائه للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم - شاتين، وإنَّما كان أمرَه بشراء شاةٍ واحدةٍ، ثم باع إحداهما، وقبل ذلك النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - (٣). وخصَّ ذلك الإمام أحمد في المشهور عنه بمن كان يتصرَّف لغيره في ماله بإذنٍ إذا خالف الإِذن.

ومنها تصرُّف المريضِ في ماله كلِّه: هل يقعُ باطلًا من أصله أم يقف تصرفه في الثلثين على اجازة الورثة؟ فيه اختلاف مشهورٌ للفقهاء، والخلاف في


(١) روى مالك في "الموطأ" ٢/ ٥٣٥، ومن طريقه البخاري (٥١٣٨) عن خنساء بنت خِذام الأنصارية أن أباها زوجها وهي ثيِّبٌ، فكرهت ذلك، فأتت النَّبي - صلى الله عليه وسلم -، فردَّ نكاحَهُ.
(٢) رواه أحمد ١/ ٢٧٣ وأبو داود (٢٠٩٦) وابن ماجه (١٨٧٥) من طريق جرير بن حازم عن أيوب السختياني عن عكرمة عن ابن عباس، ورجاله ثقات، لكن أعلَّه أبو داود وغيره بالإِرسال، وردَّه ابن القيم في "تهذيب السُّنن" ٣/ ٤٠، وابن التركماني في "الجوهر النقي" ٧/ ١١٧.
(٣) روى أحمد ٤/ ٣٧٥، والحميدي (٨٤٣)، والبخاري (٣٦٤٢)، وأبو داود (٣٣٨٤)، والترمذيّ (١٢٥٨)، وابن ماجه (٢٤٠٢) عن عروة بن أبي الجعد البارقي أن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - أعطاه دينارًا يشتري به شاةً، فاشترى له به شاتين، فباع إحداهما بدينار، فجاء بدينار وشاة، فدعا له بالبركة في بيعه، وكان لو اشترى التراب لربح فيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>