للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

يدري أنَّه حرامٌ. وقد رُوي من حديث ابن عمر عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "الحلالُ بيِّنٌ والحرامُ بيِّن وبينهما مُشتبهات، فمن اتَّقاها، كان أنزَه لدينِهِ وعِرضه، ومن وقعَ في الشُّبهَاتِ أوشَكَ أنْ يقع في الحَرامِ، كالمرتع حَولَ الحِمى، يُوشِكُ أنْ يُواقعَ الحِمى وهو لا يشعر" خرجه الطبراني وغيره (١).

واختلف العلماء: هل يُطيع والديه في الدُّخول في شيءٍ من الشُّبَهة أم لا يُطيعهما؟ فرُوي عن بشر بن الحارث، قال: لا طاعة لهما في الشُّبهةِ، وعن محمَّد بن مقاتل العبَّادانيِّ قال: يُطيعهما، وتوقف أحمد في هذه المسألة، وقال: يُدارِيهما، وأبى أن يُجيبَ فيها.

وقال أحمد: لا يشبعُ الرجل مِنَ الشُّبهة، ولا يشتري الثوبَ للتَّجمُّل مِن الشبهة، وتوقف في حدِّ ما يُؤكل وما يُلبس منها، وقال في التَّمرة يلقيها الطيرُ: لا يأكلُها، ولا يأخذها، ولا يتعرَّضُ لها.

وقال الثوري في الرجل يجد في بيته الأفلُسَ أو الدَّراهِم: أحبُّ إليَّ أن يتنزَّهُ عنها، يعني: إذا لم يدرِ من أين هي. وكان بعضُ السَّلف لا يأكلُ إلَّا شيئًا يعلمُ من أينَ هو، ويسأل عنه حتى يقفَ على أصله. وقد رُويَ في ذلك حديثٌ مرفوعٌ، إلا أن فيه ضعفًا (٢).


(١) قال الهيثمي في "المجمع" ٤/ ٧٤: رواه الطبراني في "الأوسط "، وفي إسناده سعد بن زنبور، قال أبو حاتم: مجهول.
(٢) روى الطبراني في "الكبير" ٢٥/ (٤٢٨)، وابن أبي حاتم كما في "تفسير ابن كثير" ٥/ ٤٧١، وابن الأثير في "أسد الغابة" ٧/ ٣٥٩، عن أمِّ عبد الله أخت شداد بن أوس أنها بعثت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقدح لبن عند فطره وهو صائم، وذلك في طول النَّهار وشدة الحر، فرد إليها رسولها: " أنى كان لكِ هذا اللبن؟ " فقالت: من شاة لي، فرد إليها رسولها: "أنى كانت لك هذه الشَّاة؟ " فقالت: اشتريتها من مالي، فأخذه منها، فلما كان من الغد أتته أم عبد الله، فقالت: يا رسول الله، بعثت إليك باللبن مرثية لك من طول

<<  <  ج: ص:  >  >>