للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

والله عزَّ وجلَّ حمى هذه المحرَّمات، ومنع عباده من قربانها وسمَّاها حدودَه، فقال: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} [البقرة: ١٨٧]، وهذا فيه بيان أنَّه حدَّ لهم ما أحلَّ لهم وما حرَّم عليهم، فلا يقولُوا الحرامَ، ولا يتعدَّوا الحلال، ولذلك قال في آية أخرى: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [البقرة: ٢٢٩]، وجعل من يرعى حول الحمى وقريبًا منه جديرًا بان يدخُلَ الحِمى ويرتع فيه، فكذلك من تعدَّى الحلال، ووقع في الشبهات، فإنَّه قد قارب الحرام غايةَ المقاربة، فما أخلقَهُ بأن يُخالِطَ الحرامَ المحضَ، ويقع فيه، وفي هذا إشارةٌ إلى أنَّه ينبغي التباعد عنِ المحرَّماتِ، وأن يجعل الإنسان بينه وبينها حاجزًا.

وقد خرّج الترمذي وابن ماجه مِنْ حديثِ عبد الله بن يزيد عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قال: "لا يبلغُ العبدُ أن يكونَ من المتَّقين حتى يَدَعَ ما لا بأسَ به حذرًا مما به بأسٌ " (١).


=وروى ابن أبي شيبة بإسناد صحيح فيما قاله الحافظ في "الفتح" ٥/ ٤٥ عن نافع، عن ابن عمر أن عمر حمى الربذة لنِعَمِ الصدقة.
وروى البيهقي في "سننه" ٦/ ١٤٧ من حديث أبي سعيد مولى أبي أسيد الأنصاري قال: سمع عثمان بن عفان رضي الله عنه أن وفد أهل مصر قد أقبلوا فاستقبلهم، فلما سمعوا به أقبلوا نحوه، قال: وكره أن يَقدموا عليه المدينة فأتوه فقالوا له: ادع بالمصحف، وافتح السابعة - وكانوا يسمون سورة يونس السابعة - فقرأها حتى أتى على هذه الآية: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلَالًا قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ}، قالوا له: قف. أرأيت ما حميت من الحِمى، الله أذن لك أم على الله تفتري؟ فقال: امضه، نزلت في كذا وكذا، فأمَّا الحمى، فإنَّ عمر حمى الحِمى قبلي لإبلِ الصدقة، فلما وُلِّيتُ زادت إبل الصدقة، فزدت في الحمى لما زاد في الصدقة.
وانظر "شرح السنة" ٨/ ٢٧٢ - ٢٧٥.
(١) رواه الترمذي (٢٤٥١)، وابن ماجه (٤٢١٥)، وقال الترمذي: حسن غريب مع أن في=

<<  <  ج: ص:  >  >>